أثار وجود حقيبتها السوداء الملازمة لها أسئلة كثيرة في ورشة خياطة للنساء عما تحتويه، وكانت مثار تساؤل.
تلقي نسمة ساهي البالغة من العمر (٣٤) عاماً التحية على الجميع، وتضع حقيبتها الى جوارها وتباشر بأخذ الدروس التدريبية، كانت مثابرة وتسأل عن أدق التفاصيل في شغف كبير للتعليم، حتى امتلكت مهارة جيدة خلال مدة قصيرة، بحسب إحدى المدربات.
نسمة هي الزوجة الثانية لزوج يعاني من انزلاق مزمن في فقرات العمود الفقري، لديها ثلاثة أطفال أحدهم مصاب بمرض (الأنثلاسيميا) والآخر بداء السكري المزمن، وتعتمد على جمع النفايات لإعالة عائلتين في آنٍ واحد.
تتحدث نسمة عن عملها اليومي، تقول :” أعمل بجمع النفايات، استيقظ عند الساعة الثالثة صباحا، ارتدي ملابس العمل وأبدأ بجمع الصناديق البلاستيكية، والورق المقوى من مكبات النفايات من الأحياء الراقية في مدينة بغداد، فضلا عن جمع قناني المشروبات الغازية الفارغة وبقايا الخبز”.
وتتابع ” بعد مرحلة الجمع تبدأ مرحلة الفرز، إذ أقوم بفرز كل نوع على حده ثم أبيعها، فهي مصدر رزقنا الوحيد الذي نعتاش عليه”.
كانت الصدفة لها الفضل في تغير حياة نسمة فبعد التعرف على إحدى المتطوعات في جمعية الهلال الأحمر العراقي التي سألتها عن رغبتها في الانضمام لإحدى الورش التي تقيمها الجمعية لتعليم فن الخياطة، فوافقت من دون تردد.
ونظمت جمعية الهلال الأحمر العراقي ورشة لتدريب النساء على فنون الخياطة والتفصيل ، وشاركت في الورشة أكثر من 16 امرأه من المتعففات والأرامل ليتمكن من فتح مشاريعهن الخاصة.
وتكشف نسمة سر الحقيبة السوداء، تقول :” بعد الانتهاء من جمع النفايات وبيعها استبدل ملابس العمل، وأضعها في الحقيبة، وأذهب للمشاركة في الورشة، فقد كانت الورشة مفيدة جداً، تعلمت فيها كيفية أخذ القياسات والأبعاد وتفصيل الأقمشة، فضلاً عن الطريقة الصحيحة والمثالية لاستخدام ماكنة الخياطة والمحافظة عليها”.
ويدعم الهلال الأحمر النساء المتعففات والأرامل لإيجاد فرصة عمل للعيش الكريم، وقدم للمشاركات في الورشة ماكنة خياطة حديثة مع ملحقاتها لمساعدتهن في افتتاح المشاريع الخاصة.
تقول نسمة :” قررت اتخاذ فن الخياطة مهنة لي أعتاش منها أنا وعائلتي، ولن أعود الى مهنة جمع النفايات، وبدأت في العمل في الخياطة لأطفالي واطفال الجيران، ووجدت منهم التشجيع الكبير، وسأسعى لتطوير العمل بالاطلاع على فنون الخياطة والأزياء الحديثة، ولن اعود لحمل الحقيبة السوداء ثانية”.
من  الجدير بالذكر ان هذا المشروع تم تنفيذة من قبل الهلال الاحمر العراقي \ المنظمة النسوية بدعم من الحكومة اليابانية بالتعاون مع وزارة العمل و التدريب المهني